منصّة «أكتر» السويد
وجّه فريق التحرير في منصّة «أكتر» إلى دائرة التحليل السياسي في المنصّة الأسئلة المختصرة التالية بمحاولة الوقوف بشكل مناسب على أسباب الأزمة الحكومية الحالية في السويد:
- من المسؤول عن الأزمة الحكومية الحالية: حزب “البيئة”، أم حزب “اليسار”، أم حزب “الوسط”؟
يميل أغلب المتابعين والمحللين لتحميل حزب “الوسط” المسؤولية المباشرة عن أزمة استقالة أندرسون بعد عدّة ساعات من إقرار رئاستها للحكومة، أمّا السياق السياسي للأزمة فمعقّد ويحتاج إلى وقت أطول لنقاشه.
- لكن حزب “البيئة” هو من انسحب من الحكومة؟
سبب انسحابه أنّ حزب “الوسط”، والذي يفترض بأنّه متفق مع أندرسون للتصويت للحكومة والموازنة، امتنع عن التصويت لصالح موازنة الحكومة، فتم تمرير الموازنة اليمينية. أجبر هذا حزب “البيئة” على الاختيار بين موازنة تم التفاوض عليها مع حزب يميني متطرف، أو الخروج من الحكومة.
صاغ المحلل والسياسي السويدي وأحد مؤسسي حزب البيئة بير غارتون الأمر بشكل ممتاز عندما قال بأنّ قبول حزب “البيئة” بالترتيب مع اليمين المتطرف كان ليجعله في وضع سيء – وربما كارثي – بين ناخبيه. فعند دراسة تجارب عدد من أحزاب “البيئة-الخضر” في عدد من الدول الأوروبية – منها في بلجيكا وفنلندا وإيرلندا – تبيّن بأنّ الناخبين عاقبوا الحزب على اشتراكه العبثي في حكومة تتشارك مع اليمين في إيرلندا وبلجيكا. بينما في فنلندا فقد فهم الناخبون أنّه من غير المنطقي التعاون مع اليمين وحصل الحزب على الثناء في الانتخابات.
يشعر حزب “البيئة” بأنّه تعرّض للخيانة، ووصف تصرّف حزب “الوسط” بأنّه مثير للاستياء وغير مسؤول.
- لكن حزب “الوسط” قال بأنّ اتفاقه مقتصر على التصويت لأندرسون!
رغم أنّ الإحاطة بكامل المسألة صعب في عدّة سطور، ولكن يمكننا القول بأنّ الموضوع له صلة بما بات يسمى اليوم في المشهد السياسي السويدي بتأثير «الأحزاب الهامشية».
بحسب تقديراتنا، سنشهد ميل الأحزاب بشكل مستمر نحو اليمين أو اليسار، كاستجابة لتعقيد الحلول وميل الناخبين إلى الحلول الجذرية اليسارية أو المتطرفة اليمينية. ما يهمنا هنا أنّ حزب “الوسط” استشعر بأنّ «قيمته التأثيرية» إذا جاز التعبير، باتت في خطر بعد اتفاق الحكومة مع حزب “اليسار”، وكان عليه «الانتقام» بالطريقة التي شهدناها.
كان المتحدث باسم السياسة الاقتصادية لحزب “الوسط” مارتن أودال Martin Ådahl، واضحاً كفاية للاعتراف بالأمر عندما قال بأنّ الحكومة كان عليها التفكير بأنّها خسرت دعم حزب “الوسط” عندما بقيت لأسابيع تسعى لتعاون نشط مع حزب “اليسار”.
آني لوف بدورها قالت بأنّه كان يجب على الحكومة أن تتوقع أنّ لاتفاقها مع حزب “اليسار” عواقب.
جميع الأحزاب «الهامشية» تدرك حقيقة المشهد السياسي السويدي، ولكن أحزاب “الوسط” و”الليبراليين” و”المسيحيين الديمقراطيين” هم أحزاب وسط مضطّرة لمواجهة احتمال ذوبان وسطيتها في التيارات الشعبوية. ولأنّها أحزاب هياكلها السياسية يمينية، فستذوب في التيار اليميني على الأرجح.
أمّا حزب “اليسار”، فرغم هامشيته اليوم، فهو حزب واعد يمكنه التعويل على استقطاب المزيد من الناخبين المستائين، ولهذا فاتبّاعه الوضوح والمبدئية في السياسة سهل عليه. قد يبدو الأمر معقداً قليلاً، ولكننا نحاول في منصّة «أكتر» نشر مقالات دورية أكثر تفصيلاً عن الأمر.
- أليس من المرجّح أنّ الموازنة الحكومية أقل ملائمة لحزب “الوسط”؟
لقد تفاوض التحالف الحكومي مع “الوسط”، واستجاب لمطالبه، ولم يذكر “الوسط” مشاكل كبرى مع التحالف الحكومي قبل مسألة تفاوض الحكومة مع اليسار.
حتّى الأحزاب اليمينية التي تمكنت بفضل موقف حزب “الوسط” من تقديم موازنتها في البرلمان، اختارت ترك مسافة بينها وبينه، ما يعبّر عن عدم ارتياحها الكامل لموقفه. فرغم شكر حزب “ديمقراطيو السويد” و”المحافظين” لحزب “الوسط”، لم يفهموا أمر موافقتهم على ماغدالينا أندرسون ورفضهم موازنتها.
- هل سينفع حزب “الوسط” ما حدث؟
يجب علينا هنا أن نفرّق في مسألة النفع بين حصوله على عدد أصوات أكثر، وبين اتساع قاعدته الانتخابية. يبدو أمراً سابقاً لأوانه اليوم، ولكن وكما كتبت الصحفية زينا ديواني: اليوم يُظهر حزب “الوسط” ألوانه الحقيقية.
وإذا ما أردنا النظر عن قرب إلى الموازنة التي أدّى سلوكه لتمريرها في البرلمان، فهي بالتأكيد ليست خضراء ولا صديقة للبيئة ولا متوافقة مع محاولة محاربة المناخ كما يدعي في موقعه الرسمي.